الخرطوم- هبة علي
انتقادات لاذعة وجهتها الحكومة السودانية لمنظمي مؤتمر باريس لدعم السودان دون التشاور معه ومشاركته الأمر الذي اعتبرته استخفافاً بالقانون الدولي، ويرى مراقبون أن تنفيذ مخرجات المؤتمر الذي يسعى لدعم السودان إنسانياً وسياسياً لأجل العودة للمفاوضات، لن تكون ذات فاعلية في ظل تجاهل الخرطوم..
سابقة خطيرة
وفي بيان مطوّل الجمعة الماضية ، أعربت حكومة السودان عن بالغ دهشتها واستنكارها لانعقاد مؤتمر دون التشاور معها، ومن دون مشاركتها رغم أنها هي الممثل الحصري للسودان في شتى الهيئات والمنظمات والمحافل الدولية، مشيرةً إلى أن انعقاد المؤتمر بهذا الشكل يمثل استخفافاً بالغاً بالقانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة ومبدأ سيادة الدول.
وقالت الخارجية أن الاختباء وراء ذريعة الحياد بين من يسميهما المنظمون طرفي النزاع لتبرير تجاهل السودان حجة لا قيمة لها وأمر مرفوض وسابقة خطيرة في العلاقات الدولية.
مؤتمر باريس
وبمشاركة أكثر من 20 وزيراً تستضيف العاصمة الفرنسية باريس مؤتمراً لدعم السودان إنسانياً و سياسياً بالتعاون مع الاتحاد الأوروبي، وسيشارك في المؤتمر عدد من ممثلي المنظمات الدولية كالأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي والاتحاد الدولي والجامعة العربية، فضلاً عن المؤسسات المالية الدولية وممثلين للمنظمات غير الحكومية العاملة في السودان وفي بلدان النزوح وممثلين للمجتمع المدني السوداني.
السعي الإنساني
المنظمون للمؤتمر يسعون إزاء الوضع الإنساني الكارثي في السودان بعد عام على الحرب إلى جمع تبرعات مالية تصل إلى 3.8 مليار يورو لعام 2024، بينما المتوافر في الوقت الحالي لا يصل إلى الخمس. فمع نزوح 6.5 مليون سوداني من منازلهم (مصادر أخرى تتحدث عن 8.5 مليون نازح بينهم 3 ملايين طفل) وقراهم ولجوء 2.5 مليون نسمة إلى دول الجوار خصوصاً إلى تشاد وجنوب السودان، فإن الحاجات الإنسانية تضاعفت بحسب تقارير الأمم المتحدة و وكالات صحفية.
احتجاج مشروع
أستاذ العلاقات الدولية بجامعة أفريقيا د. محمد خليفة تحدث إلى “صدى السودان” مؤكداً أن موقف الخارجية السودانية تجاه باريس احتجاج مشروع لأن المؤتمر أشبه بمولد صاحبه غائب.
وأردف: لا يمكن أن تعقد مؤتمر لدولة وتكون الدولة غائبة وهي دولة ذات سيادة وعضو في الأمم المتحدة وعلاقتها مع باريس نفسها متميزة ويوجد سفير سوداني في باريس ويوجد سفير فرنسي بالسودان ولم تغلق السفارة او يجمد نشاطها لذلك أي مؤتمر من هذا النوع كان يجب أن يكون بتنسيق بمستوى عالي بين الدولتين حتى يكون مؤتمر مقبول ويجد التنفيذ لانه حتى إذا تم هذا المؤتمر أين سينفذ والحكومة التي تحكم الدولة محل التنفيذ غير موجودة.
وأعتبر خليفة أن المخرجات ستكون للهواء الطلق وللاعلام وليس للتنفيد على أرض الواقع لجهة أن المسؤولية لحكومة السودان المعترف بها وتتعامل معها الأمم المتحدة حتى الذين شاركوا في المؤتمر الإتحادي الأوروبي وجامعة الدول العربية والاتحاد الأفريقي وغيره.
وتابع: تجاهل الخرطوم في المؤتمر متوقع ودعوة “تقدم” غريبة لأنها جسم سياسي ولا علاقة له بالحكومة فهل تستطيع تقدم تنفيذ التوصيات وهل تمثل الشعب السوداني! هذا تصرف غريب في السياسة الدولية لا يليق بدولة تحترم القوانين أن ترتكب مثل هذا الخطأ، وأشار إلى أن الاتحاد الافريقي رغم انه جمد عضوية السودان لكنه تعامل مع الحكومة عبر آلية رفيعة المستوى التقت برئيس مجلس السيادة في بورتسودان.
فشل الخارجية
وعلى النقيض يرى المحلل السياسي طاهر المعتصم أن احتجاج الخارجية يأتي لفشلها وفشل السلطات في بلورة موقف يجعلها جزء من الحراك العالمي، مشيراً إلى أن السودان منذ “25 أكتوبر 2021 ” وعضويته مجمدة في الاتحاد الافريقي ثم “15 أبريل 2023″ اندلاع حرب الخرطوم جعل السودان وتمثيل الخارجية له يعاني من اشكالات على المستوى الأفريقي او في غيرها.
وأوضح المعتصم بحديثه لـ”صدى السودان” أن ماذكر في بيان وزارة الخارجية من انها تساوي الطرفين فذلكة لغوية قصد منها إثارة بعض الغبار، مشدداً على أن هذا ماجنته يدا السودان وجعلته غير مقبول.
وأضاف: الحديث عن الطرف الآخر الموصوف بمليشيا الدعم السريع حاضرة في المؤتمر؛ بحسب معلوماتي الصحفية أمر غير صحيح وهذا ما قرأته في البيان بعد أن قمت بمراجعة قائمة الحاضرين وهم “20” وزير خارجية حسب بيانات إدارة المؤتمر لدعم الوضع الإنساني للسودان وبحث سبل تجنب نذر شبح المجاعة المتوقع بالشهور القادمة.