الإمارات.. في مرمى نيران السودان

الخرطوم: هبة علي
في خطوة تصعيدية جديدة ورسمية تقدم السودان بشكوى ضد الإمارات أمام مجلس الأمن الدولي بسبب دعمها لقوات الدعم السريع “المحلولة” ضد الجيش السوداني، فالسودان كان قد اتهم الإمارات مُسبقاً بتوفير السلاح والدعم اللوجستي للدعم السريع عبر تشاد وأفريقيا الوسطي المجاورتين لدارفور وقام مُسبقاً بشكو الإمارات بيد أن هذه الشكوى الرسمية مثّلت خطوة مهمة في طريق وقف توفير الدعم لقوات الدعم السريع “المحلولة” وفقاً لمراقبين؛ إلا أن آخرون قللوا من انعكاس هذه الخطوة إيجاباً على حرب السودان في المستقبل القريب ..
تفاصيل فحوى الشكوى
مندوب السودان الدائم في الأمم المتحدة، الحارث إدريس الحارث قدم الشكوى التي تضمنت سردا للأحداث من بداية تنفيذ مليشيا قوات الدعم السريع هجومها على أهداف سيادية واستراتيجية في العاصمة الخرطوم يوم 15 إبريل 2023.
وقال الدبلوماسي السوداني إن هدف قوات الدعم السريع كان القضاء على مجلس السيادة الانتقالي “ومن ثم استلام السلطة تنفيذا لأجندة تدخل خارجية”.
وأكد مندوب السودان أنه “عندما فشل الهجوم، تحولت الميليشيا المتمردة إلى ارتكاب انتهاكات وفظائع بدعم غير محدود من الإمارات العربية المتحدة، فنفذت هجمات ممنهجة ضد الدولة وخربت بنيتها التحتية واستهدفت المدنيين بالقتل والنهب والاغتصاب والتشريد”.
وقال الحادث إدريس الحارث إن الإمارات “لعبت دورا رئيسا في إشعال الحرب عبر حليفها الداخلي ميليشيا الدعم السريع” ما أدى إلى مقتل وإصابة آلاف المدنيين الأبرياء ونزوح وتهجير الملايين من السكان وتعريض الملايين إلى التأثر غير المسبوق بالفجوة الغذائية وانعدام الرعاية الصحية ونقصان الأدوية وتصاعد الشقاء والمعاناة المهولة ووقف عجلة الإنتاج وانهيار الاقتصاد وانتهاكات حقوق الإنسان وارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية وجرائم ترقى للإبادة الجماعية”.
ووصف الدبلوماسي السوداني في الشكوى المقدمة إلى مجلس الأمن الدولي أفعال الإمارات بأنها “شكلت تهديدا جديا للسلم الإقليمي والدولي، وضربا من ضروب أعمال العدوان والإخلال بالسلم وانتهاكا صارخا لسيادة السودان، كما مثلت أيضا أفدح صور التدخلات غير المشروعة، بل وأخطرها وهي التدخلات العدوانية التي تهدد السيادة والسلامة الإقليمية وحرية الشعوب واستقلالها ورفاهها”.
وأردف مندوب السودان أن “المسلك العدواني الذي جسده موقف دولة الإمارات من الحرب في السودان منذ أبريل 2023 حتى هذه اللحظة” يقدم “دليلا على علم الإمارات علم اليقين أنها حينما فعلت ذلك كانت تعي أنها تخطط لعمل عدواني مسلح وتدعم فريقا مسلحا عسكريا يناهض الدولة وحكومة السودان ليقوم بتنفيذ ذلك المخطط”.
وشدد الدبلوماسي السوداني على أن الإمارات مطالبة بتقديم تعويض عن الأضرار والخسائر “التي تسبب فيها هجوم ميليشيا الدعم السريع المدعومة من قبلها، وفقا لمبادئ القانون الدولي المتصلة بمسؤولية الدول عن الأفعال غير المشروعة دوليا”.
وطالب الدبلوماسي السوداني في الرسالة الموجهة إلى مجلس الإمارات بـ”التعويض عن الخسائر التي تسبب فيها العدوان الإماراتي وتقديم المسؤولين عن ذلك للمساءلة الدولية”، ودعا الدول الأعضاء في المجلس إلى “التنديد علنا بعدوان دولة الإمارات على السودان وشعبه، وتسميتها صراحة ومطالبتها بشكل حازم بالكف عن التدخل في الشؤون الداخلية للسودان، والوقف الفوري لتجنيد المرتزقة وقطع الدعم العسكري واللوجستي والإمدادات والمؤن إلى ميليشيا الدعم السريع والميليشيات المتحالفة معها”.
تاخذ وقت طويل
المحلل السياسي البروفيسور صلاح الدين الدومة يرى أن الشكوى جاءت بغرض تحقيق أهداف آنية لافتاً إلى أن مثل هذه القضايا تأخذ وقت طويل ويتطلب الأمر إثبات وبعدها يكون هنالك مشروع قرار ويتعرض المشروع نفسه لموازنات كثيرة ومداولات في الاروقة وفي النهاية يمكن أن تستخدم إحدى الدول الداعمة للإمارات حق النقض.
وشدد الدومة من خلال حديثه لـ”صدى السودان” على أنه وفي مثل هذه الحالات غير وارد أن يتم الوصول إلى مرحلة مشروع قرار وتتم إدانة الإمارات.
إبعاد وإدانة وتعويض
أما المحلل السياسي د. عثمان الفاتح فيرى أن تقدم السودان بشكوي رسمية لمجلس الأمن ضد دولة الامارات العربية المتحدة يعتبر بمثابة تصعيد دبلوماسي ضد الامارات وهو ما يعني عملياً ابعادها عن رعاية ملف التفاوض بين الجيش والدعم السريع كما يفتح الباب امام تقديم شكوى ضدها في محكمة الجنايات الدولية وكذلك محكمة العدل الدولية بحكم ان الدعم السريع ارتكب جرائم ابادة جماعية في غرب دارفور وجرائم حرب في الخرطوم والجزيرة وكردفان وجنوب ووسط دارفور وهو ما قد يجعل للسودان الحق في طلب التعويض من دولة الإمارات العربية المتحدة وهو ما تم فعلا ارفاقه في الشكوي لمجلس الأمن.
وأردف الفاتح بحديثه لـ”صدى السودان” : من أهم الاثار التي قد تترتب علي شكوى السودان هي أن الإمارات العربية المتحدة قد تتبني خطة ايقاف اي علاقة لها مع الدعم السريع ومن ثم انكار اي علاقة لها به مع انه ثابت في تقارير لجنة خبراء الامم المتحدة وقد تحاول التوصل لتسوية مع الحكومة السودانية مقابل توقف السودان عن المضي قدما في تصعيد الإجراءات القانونية ضدها وهو ما قد يحدث في الغالب.
فلاش باك
واستعان السودان بصور أقمار صناعية توضح الإمداد اللوجستي عبر تشاد فضلا عن تقارير صحفية نشرتها وسائل إعلام غربية، متخذاً موقفاً تصعيدياً تجاه الإمارات كان أبرزه وفي ديسمبر الماضي حيث أعلنت السلطات السودانية أن 15 من موظفي سفارة الإمارات أشخاصا غير مرغوب فيهم، وأمرتهم بمغادرة البلاد خلال 48 ساعة. وكان عضو مجلس السيادة ومساعد القائد العام للجيش ياسر العطا اتهم في 28 نوفمبر علنا أبوظبي بالوقوف إلى جانب قوات الدعم السريع في حربها ضد الجيش السوداني.