احمد جبريل… يكتب… مدني الجميلة والفنان صلاح الطاهر..وين ليلاتنا ديلك؟

مدني الجميلة والفنان صلاح الطاهر..وين ليلاتنا ديلك؟

بقلم احمدجبريل

لم يسيطر علي حب مدن الا وتقدمت مدني الصف متفوقة علي اديس ابابا واسطنبول وفيينا وبرلين وبراغ والدوحة،هي درة المدائن وقلبها النابض ،كلما فيها يحدثك بان هنا حضارة وثقافة ومجتمع متعافي بلا ادران ناصع البياض بلا نقاط سوداء،مجتمع منفتح ومتدين ومثقف ومتحضر يتلقاك فاردا احضانه ،لايسالك عن جهة او قبيلة،تجد نفسك سيد دار مرحب بك،تمشي في شوارعها الوضيئة كانك احد احفاد مدني السني او انك الاستاذ الجميل سعيد الطيب شايب عليه الرحمة،مدني تمنحك جنسيتها لحظة دخولك حدودها ، روحك تحلق في فضاء من الجمال والالفة ، تبتسم دون داع فوجودك فيها مدعاة للابتسام والبهجة.
مدني المدينة الاغنية والقصيدة والقصة والتشكيل والالوان والموسيقي،حازت المجد من اطرافه فقد برز ابناءها علما وشهادات اكاديمية وقد رفلنا في اثواب العز والمجد المؤثل في عهد الدكتور عثمان عبدالله النذير ابن مدني وعاشق الاهلي العضو المنتدب المؤسس والاميز لشركة كنانة ، تفوقت مدني موسيقي وغناء الخ ضروب الابداع، لم تسبقها مدينة في هذا اذ يكفيها انها ام المساح والكاشف وودالامين وثنائيها الجميل والخير عثمان (حنتوب الجميلة منظرها البديع ياروعة جلالو) والجابري وعبدالعزيز المبارك وابوعركي وعصام نور عشقها محمودعبدالعزيز،نظم جمال عبدالرحيم فيها قصيدته (قلتي لي مدني الجميلة مدني يا احمل خبر) ، نثر فيها الثلاثي عبق ابداعه عباس جزيرة وفتاح السقيد وحيدر الرفاعي الذي اعجبني موقع بيته المطل علي ظلط الدباغة الذي يقودك الي كبري حنتوب بالتفافة جميلة تصعد بعدها جسر من اروع الجسور يصل بك الي حنتوب ذات الشجر والزهر والناس المتعافية.
كبار الادباء والكتاب سطروا بمداد من نور حروف عن ودمدني وما انا قربهم الا ذرة في محيط لكنني سعيد بان نجلي محمدا نصفه من مدني حي مايو حيث التمازج السوداني العظيم الذي شهدته وعايشته،البيوت مفتوحة ومشرعة الابواب،الجيران في تواصل مستمر،مازال ابناء الجيران يؤتمنون علي البيوت والاعراض، يبعثون كمراسيل لجلب الفول من الاسماعيلي او الذهاب الي جزارة حمزة او العماس او المصري في الزمالك او (حطابات) دردق دون تذمر بل بابتسامة عريضة ورضاء تام.
مايو حي اهله يحبون بعضهم فهذه طبيعة اهل مدني ، عندما انتقل صهري العم عبدالله الي دار الخلود في رمضان هالتني الاعداد الكبيرة من الناس التي افترشت الاسفلت في انتظار اذان المغرب للافطار،اعداد مهولة جعلتني مطمئنا علي مستقبل ابني باذن الله في مدني اذ ان مجتمع كهذا حقيق بالحفاوة وبالفخر كون ابني ينشأ وسطه ، مدني المدينة الطاهرة الام الرؤوم لولا العصابات الاجرامية التي فضت بكارة طهرها وعفتها وعاثت فيها نهبا وسلبا وتقتيلا وتشريدا لاهلها الذين هام اغلبهم علي وجهه فلا ديار تعادل حب مدني ولاراحة مهما بلغت رفاهية السكن بالخارج الا في شوارع مدني المتربة المعبأة بالاطفال الذين يركضون خلف كرة بلاستيك مهترئة وامهاتهم يجلسن تحت ظل ظليل امام بوابات البيوت الكبيرة في انتظار عودة التيار الكهربائي.
الجزيرة ارض خيرة ، اهلها اطهار اخيار قلوبهم نظيفة يمتازون بالطيبة والثقة في الجميع حتي من لايستحقها ، اهل الجزيرة حملوا السودان علي ظهورهم بلا كلل او ملل وتذوقت جميع الافواه خير مشروع الجزيرة الذي تقزم في عهد الانقاذ ومات اكلينيكا في عهد القحاتة و(تقزم) قاتلهم الله الذين جاءوا للانتقام لا الإعمار.
انسان ولاية الجزيرة يستحق التكريم لا اعمال الة القتل والاذلال ضده وتشريده وفك ارتباطه الازلي بارضه ونيله وظلاله وجناينه وحواشاته وكناتينه في ام سويقو والسوق الكبير وكل الاماكن التي لها مكان وهيط وسط قلوبهم ، المركزي عووضة مظلة خالدة الزمالك الذي صيره اهل الخرطوم سوقا يقارب ذاك الموجود علي سور نادي الزمالك في المهندسين بالقاهرة ، برج الجزيرة وشارع النيل ومطعم النيلين الذي خلق اسما وصيتا بجودة مايقدم لكنه قبر مثلما قبر الجنجريد كل جميل في مدني.

 

 

ظللت ولفترات طويلة اهاجر رفقة اسرتي الصغيرة من مايو الي منتزه الجزيرة بالدرجة غرب المدينة رغم طول المشوار لاشنف اذني بالصوت الجميل والاغاني المعتقة ،الفنان صلاح الطاهر وفرقته يؤدون بروفاتهم بشكل راتب بالمنتزه يشاطره احيانا الفنان احمد الغرباوي بعض الحداء الجميل،ادمنت تلك الجلسات وسط المنتزه ونمت صداقة بيني وصلاح الطاهر حيث دعوته وفرقته للغناء في زواج صهري ايمن وقد كان حيث ابدع هو والغرباوي اطربوا الحضور وحلقوا بنا في سماوات ابداعهم.

 

اين القت الحرب بصوت صلاح الطاهر وهو الفنان الذي يقتات من عمل يده نهارا بالمنطقة الصناعية سائرا في درب الفنان الذري ابراهيم عوض الذي يعشق اغنياته ويرددها كثيرا في جلسات منتزه الجزيرة،اين ارتحل الطاهر واين افراد فرقته وكيف يعيشون الان.

 

الحرب رغم اضرارها الكبيرة علي البلاد رالعباد لكن اثارها السالبة في نفوس اهل الجزيرة اكبر واوقع،اسال الله ان تتوقف ويعود اهل مدني الي حضنها الدافئ يشقون صمت الليل بالامداح وليالي الذكر والموسيقي والاغنيات وجلسات العشاق في الهواء الطلق علي شاطي بحر ازرق الجميل.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

عشرة + ستة =