اتفاق وشيك بين موسكو والخرطوم.. التفاصيل والابعاد

اتفاق وشيك بين موسكو والخرطوم.. التفاصيل والابعاد
تقريرأخباري : هبة علي
على نحو متوقع أتى الإتفاق بين روسيا والسودان على انشاء مركز دعم فني ولوجستي عسكري في بورتسودان على البحر الأحمر، فالاتفاق قديم إلا أن متغيرات الساحة السياسية السودانية كادت تعصف به، لتعيد إليه الحياة المتغيرات العسكرية الجارية في البلاد مع وجود ثوابت المعارضة له سواء محلياً او دولياً..
ما الذي جاء بالإتفاق؟
مصادر رسمية لقناة “الشرق” كشفت يوم أمس الثلاثاء عن تفاصيل مسودة اتفاق بين السودان وروسيا، يمنح روسيا مركز دعم فني ولوجستي عسكري في بورتسودان على البحر الأحمر. وذكرت المصادر أن “هذه المسودة تشير إلى أن مدة الاتفاق هي 25 عاماً، وتنتهي بناءً على رغبة أحد الطرفين في إنهائه”.
تشير مسودة الاتفاق بين السودان وروسيا إلى تقديم المعدات العسكرية للجيش السوداني بموجب بروتوكول منفصل، وألا يتجاوز عدد الأفراد الروس المتواجدين 300 فرد يشغلون مناصب دائمة.
أفادت المصادر بأن مسودة الاتفاق بين روسيا والسودان تنص أيضًا على ألا يتجاوز عدد السفن الموجودة في نقطة الدعم الفني أربع سفن بحرية في نفس الوقت.
وقالت إن الاتفاقية بين السودان وروسيا “ليست موجهة ضد أي دولة، وتهدف إلى تحقيق السلام وتصبح سارية المفعول بمجرد توقيعها”.
فلاش باك
يُشار إلى أنه وفي وقت سابق، ذكر السفير الروسي في الخرطوم، أندريه تشيرنوفول، أن السودان لم يستطع حتى الآن إنهاء إجراءات التصديق على اتفاقية إقامة قاعدة بحرية روسية في بورتسودان.
وفي فبراير الماضي، اجتمع وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف مع رئيس مجلس السيادة الانتقالي الفريق أول عبد الفتاح البرهان في العاصمة الخرطوم، وبحث معه موضوع المركز العسكري الروسي.
في يونيو 2021، كشفت مصادر عسكرية سودانية لقناة “الشرق” عن إعادة نشر القوات البحرية السودانية في قاعدة “فلامنجو” بميناء بورتسودان بعد مغادرة آخر جندي من البحرية الروسية. وأوضحت المصادر حينذاك أن القيادة العسكرية اتخذت قراراً بتقييد وجود القوات الروسية في قاعدة “فلامنجو” في البحر الأحمر ليقتصر فقط على سفن الاستطلاع.
ينص المشروع على موافقة الخرطوم على إقامة ونشر مركز لوجستي روسي في أراضيها، وتطوير بنيته التحتية وتحديثه، بهدف صيانة السفن الحربية الروسية وتزويدها بالإمدادات وتوفير استراحة لأفراد طواقمها.
وفقًا لإعلان موسكو، كان من المقرر أن يكون المركز المقترح قادرًا على استقبال السفن المجهزة بتجهيزات نووية، بشرط أن لا يتجاوز عدد السفن الراسية في نفس الوقت 4 سفن، وألا يزيد العدد الأقصى لأفراد المركز عن 300 شخص.
يجدر بالذكر أنه في عام 2019، أبرمت روسيا والسودان اتفاقية لإنشاء مركز للدعم اللوجستي للقوات البحرية الروسية في بورتسودان.
حكومة فاقدة للشرعية
محلياً انتقد القيادي بالحزب الاتحادي الديمقراطي(الأصل)، إبراهيم الميرغني، الاتفاقية العسكرية التي أبرمتها الحكومة السودانية مع الجانب الروسي ،والتي يتم بموجبها منح موسكو قاعدة على البحرالأحمر.
وقال إن الحكومة التي وصفها ب”حكومة النازحين” وبعد أن فقدت أدنى درجات الشرعية التي تحتاجها ( حكومات الأمر الواقع )، نجدها اليوم تحاول بيع الأسماك في (ماء البحر الأحمر المالح ) ل روسيا الاتحادية ، التي لها مصالح كبرى مع السعودية والإمارات.
وقال إبراهيم الميرغني مدوناً على صفحته بمنصة فيسبوك حكومة النازحين التي لا تسيطر إلا على 4 ولايات من أصل 18 ولاية و بشكل غير كامل ( نهر النيل ، الشمالية ، كسلا ، القضارف ) وبعد فشلها الذريع على كافة المستويات المحلية والإقليمية والدولية وإنسحابها من منبر جدة و الإيغاد والمنامة وإستمرار تجميد عضويتها في الإتحاد الافريقي وإداناتها المتكررة من مجلس لأمن الدولي و مجلس حقوق الانسان و الاتحاد الاوروبي وبعد أن فقدت أدنى درجات الشرعية التي تحتاجها ( حكومات الأمر الواقع ).
إنجاز واختراق كبير
المحلل الأمني والعسكري عميد ركن م خالد محمد عبيد الله اعتبر الاتفاق الروسي السوداني انجاز واختراق كبير للدبلوماسية السودانية لأسباب أهمها عدم تصنيف تمرد الدعم السريع من المجتمع الدولي خاصة أمريكا، وإلغاء هذا الاتفاق في حكومة حمدوك ابان تولي مريم الصادق المهدي لحقيبة الخارجية وبنفس البنود.
وشدد عبيد الله بحديثه لـ”صدى السودان” على أن مرحلة الحرب تحتاج للتلويح الدبلوماسية واهمية وضع السودان في علاقاته الخارجية حسب مصالحه، لافتاً إلى أن إمكانية إستمرار هذا الإتفاق في ظل حكومة الانتقال الديمقراطي.
وأردف: مكتسبات العلاقة هي من ستحدد استمراريتة واذا وجد برلمان منتخب نفسه في الاتفاق فسيستمر ولن يتنكر السودانيين لمن وقف معهم في فترة الحرب.
وأضاف: السودان لن ينتظر أمريكا بعد عام من الحرب تدمرت البنية التحتية للسودان وسلب اموال ومدخرات الاسر السودانية غير اغتصاب الحرائر واذلال كرامة الشعب السوداني النزوح لن تنتظر القيادة السودانيه اكثر من هذا العام.
سخط أمريكا وأوروبا
من جانبه قال المحلل السياسي د. عبد الناصر سلم إن الإتفاق الذي اكتملت أركانه بالاشهر الماضية من الوارد التوقيع عليه بهذا الشهر، مشيراً إلى أنه سيقود إلى تسليح الجيش السوداني بصورة كاملة مقابل توفير نقطة استراتيجية لروسيا وهي التواجد في المياه الدافئة بالبحر الأحمر وتوفير مركز لوجستي يسمح لجزء من الأسطول الروسي بالتواجد في منطقة بورتسودان.
وأوضح سلم بحديثه لـ”صدى السودان” أن القوات المسلحة ستجد الدعم العسكري لمواصلة حربها في السودان وسيشمل إمداد استخباراتي أيضآ الأمر الذي سيغير من أوجه الصراع في السودان وسيقود هذا بدوره إلى تدخل أطراف أخرى في الصراع لإيقاف المد والتواجد الروسي في السودان من قبل الولايات المتحدة الأمريكية على وجه الخصوص.
ونوه إلى أن الولايات المتحدة والإتحاد الأوروبي لديهم حساسية تجاه الوجود الروسي في اي منطقة ولكن تكون هذه الخطوة موضع ترحيب بأي شكل من الأشكال، بيد أن السودان دولة مستقلة ولها الحق في توقيع اتفاقيات مع من تراه مناسباً لها.
وقطع سلم بأن الولايات المتحدة ستمارس ضغوط لإيجاد حل لصراع السودان لإيقاف المد الروسي، منوهاً إلى أن الروس استطاعوا بذكائهم الحصول على قاعدة في البحر الأحمر التي كانوا يحلمون بها منذ فترة الإتحاد السوفيتي.
وأضاف: تحجيم الوجود بأربعة سفن هذا حديث على الورق فقط وأعتقد انها ستكون قاعدة عسكرية روسية ضخمة، السودان من حقه تحقيق مكاسب سياسية وعسكرية في ظل الأوضاع المضطرب، ويمكن أن تتطور الاتفاقية إلى مجالات أخرى كالتنمية والاقتصاد.
وتابع: روسيا لاتهتم كثيراً بشكل النظام في الدولة بقدر مايهمها المصالح المشتركة.