دستور جديد بديلاً لـ”الوثيقة الدستورية”.. الأسس والتحديات

القاهرة- هبة علي

تتجه البلاد إلى تشكيل حكومة و وضع أساس دستوري جديد بديلاً لـ”الوثيقة الدستورية”، وفقاً لتصريحات عضو مجلس السيادة الفريق أول ركن ياسر العطا بحواره مع يوم أمس مع قناة “العربية” حيث قال “سنلغي الوثيقة الدستورية ونعتمد دستوراً جديداً لإدارة الفترة التأسيسية الانتقالية”، وتأتي الخطوة في وقت تشهد به البلاد وضعاً معقداً وانقسامات حادة الأمر الذي يُصعِب مهمة دستور جامع، فما هي الأسس التي يمكن أن تجمع الفرقاء بدستور جديد..

دستور لايجوز الغاءه

الرئيس السابق للجنة القانونية بتحالف الحرية والتغيير وأحد ابرز ” مهندسي الوثيقة الدستورية” نبيل أديب تحدث لـ”صدى السودان” قائلاً: الوثيقة الدستورية هي دستور الفترة الانتقالية وما زالت كذلك، ولا يجوز الغاءها الا بواسطة سلطة تاسيسية فرعية وهي حسب نص الوثيقة الدستورية المجلس التشريعي الانتقالي.
يُذكر أن توقيع الوثيقة الدستورية بصيغتها الأولى للاتفاق كان في الـ”17″ من يوليو 2019، بين المجلس العسكري وقوى إعلان الحرية والتغيير، وتم تعديلها باتفاق سلام جوبا بأكتوبر في العام 2020، وصبيحة الإنقلاب العسكري في 25 أكتوبر 2021 علق رئيس مجلس السيادة الفريق عبدالفتاح البرهان عدداً من موادها، وقبل اندلاع الحرب بأيام تمت صياغة دستور الفترة الانتقالية والذي أعدته اللجنة التسييرية لنقابة المحامين السودانيين،كأساس للإتفاق الإطاري الذي قُطع بسبب الحرب..

لن يختلف عن دستور 2005

من جانبه يرى د. ربيع عبد العاطي المستشار السابق بحكومة السودان أنه ليس هناك ما يتلاءم مع المتغيرات سوى دستور 2005، مشيراً إلى أنه كان بموافقة جميع الكيانات الحزبية والحركة الشعبية آنذاك وبموجبه شاركت معظم الكتل السياسية يمينها و يسارها  وحاز ذلك الدستور على درجة مرضية حتى من قبل المجتمع الإقليمي و الدولي بعد حرب دامت لما يقارب الثلاثة عقود وهي من أطول الحروب و أعقدها في القارة الإفريقية.
ولفت عبد العاطي بحديثه لـ”صدى السودان” إلى أن مضمون الوثيقة الجديدة سوف لن يتجاوز او يختلف كثيرآ عن دستور 2005 على أرجح التقديرات لمثالية ذلك الدستور و شموله واتساقه مع مطلوبات ومقتضيات الظرف الراهن.
وأردف: مهما كان الإجتهاد فإن ما بذله الخبراء والمختصون في الفقه الدستوري في صياغة دستور 2005 يعتبر أنموذجاً للممارسة السياسية و التشريعية التي أصابت نجاحاً مقدراً شهد به الواقع  لفترة إنتقالية خالية من النزاع.

الحل أولاً ثم الدستور

إلى ذلك اعتبر المحلل السياسي محمد خليل الوضع الراهن شديد التعقيد ويصعب معه التوافق على أساس دستوري يرضى جميع الأطراف، مشيراً إلى أن الحديث عن الاستناد على دستور 2005 غير موفق لجهة ان القانون جيد فقط في جانب الحريات كما أنه استند على وجود مواطنين دولة جنوب السودان كسودانيين.
وأوضح خليل بحديثه لـ”صدى السودان” أن مهمة وضع أساس دستوري في هذا الوقت المعقد، أمر بالغ الصعوبة ويجب أن تُحل مشكلة البلاد أولاً ثم الإتجاه إلى تأسيس الدولة.

فلاش باك
وقد حُكم السودان بثمانية دساتير، أولها قانون الحكم الذاتي الذي صدر عام 1953 بغرض تنظيم إدارة السودان خلال فترة الحكم الذاتي، التي كان من المفترض أن تنتهي بتقرير السودان لمصيره بين الوحدة مع مصر أو الاستقلال. وثانيها، دستور السودان الموقت لعام 1956، بعد إدخال تعديلات عاجلة على قانون الحكم الذاتي. وعند تنفيذ الفريق إبراهيم عبود انقلابه في 17 نوفمبر 1958، علق العمل بدستور عام 1956 وأصبحت البلاد تحكم بأوامر عسكرية سميت “الأوامر الدستورية” يصدرها المجلس الأعلى للقوات المسلحة الذي أعطى نفسه السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية في السودان. وتواصل ذلك إلى أن قامت ثورة أكتوبر 1964 وعادت حكومة الثورة للعمل بدستور 1956 كثالث دستور للسودان، وسمي “دستور السودان الموقت لعام 1964” واستمر العمل به حتى تعطيله عندما نفذ جعفر النميري انقلابه في 25 مايو 1969، وحكم البلاد بما سماه “الأوامر الجمهورية”، ثم أصدر الدستور الرابع للسودان في عام 1973 وسمي “الدستور الدائم للسودان”.
واستمر العمل بدستور عام 1973 حتى اندلاع انتفاضة أبريل 1985 ليتم تجاوزه، وصياغة دستور السودان الخامس بواسطة المجلس العسكري الانتقالي الذي ارتكز على دستور عام 1964. وبعد انقلاب عمر البشير في 30 يونيو 1989 علقت الحكومة العسكرية العمل بدستور عام 1985، وحكمت بالأوامر العسكرية حتى عام 1998 إذ صاغ حسن الترابي الذي كان رئيس المجلس الوطني آنذاك الدستور السادس للسودان.
واستمر العمل بدستور عام 1998 حتى توقيع اتفاقية السلام الشامل (نيفاشا) في 2005، فأسس الدستور الانتقالي تزامناً مع الاتفاقية السلام 2005، وأجيز دستور السودان السابع من البرلمان ليضم القوى السياسية والحزب الحاكم بجانب قوى معارضة شككت في شرعية الحكومة من بينها الحزب الشيوعي.
وظل السودان قبل الحراك الثوري يحكم بما تبقى من دستور عام 2005، وكانت تجرى عليه تعديلات دائمة أبرزها التعديل بعد انفصال جنوب السودان ليعد ذلك الدستور الـ8.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

16 + 1 =