دولة مليشيا الدعم السريع.. مخاوف من الخطر الصامت

الخرطوم- هبة علي
عاد حاكم إقليم دارفور مني أركو مناوي مؤكداً لمخاوف قيام دولة “الدعم السريع” التي طفت على السطح بُعيدة اندلاع الحرب بين الجيش وقوات الدعم السريع “المحلولة” في منتصف أبريل العام الماضي، وقال مناوي إن الدعم السريع تخطط لترسيم دولة جديدة غرب السودان تحظى بما اسماه “الاعتراف الصامت”.
قال إن الدعم السريع حولت المدن التي سيطرت عليها إلى مناطق أشباح، مشيراً بتغريدة على منصة “إكس” إلى أن تساهل القوات المشتركة مع القتال جاء رغبة في الحوار والتعايش السلمي في السودان عمومًا وإقليم دارفور خصوصًا.
وأضاف: “قوات الدعم السريع تستغل هذا التسامح لتوسيع دائرة سيطرتها بغرض ترسيم دولة جديدة في غرب السودان، تحظى بالاعتراف الصامت كما خُطط لهم” على حد قوله.
واعتبر مناوي اعتداء الدعم السريع على مدينة مليط بمثابة تطويق مدينة الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور، من جميع الاتجاهات بغرض تجويعها ومنع انسياب المواد الإنسانية واحتياجات الحياة.
ورأى مناوي أن تطويق الفاشر يعني إجبار أهل دارفور على قبول الواقع، وهذا الحال سيدفع لإتخاذ قرار غير تقليدي، لا سيما مدن دارفور الأخرى التي تعيش حالة من الاختطاف، بعد أن سيطرت عليها الدعم السريع وجعلتها مدن للأشباح.
خطوة نحو العطاوة
قبل شهر ويزيد عززت قوات الدعم السريع “المحلولة” هذه المخاوف بإعلانها تشكيل إدارة مدنية لولاية الجزيرة، الأمر الذي يصب في بإتجاه تقسيم البلاد وتحويلها إلى مناطق نفوذ بشكل شبيه لبعض الدول في المنطقة، و مسبقاً هدد قائد الدعم السريع الفريق محمد حمدان دقلو بتشكيل سلطة في المناطق التي تسيطر عليها قواته في حال شكل قائد الجيش الفريق عبد الفتاح البرهان حكومة مدنية.
إلى ذلك وقبلها قال مساعد القائد العام للجيش ياسر العطا ، ان الدعم السريع كانت تقول انه إذا لم يتم “الإتفاق” سوف يتم فصل دارفور، وجزء من كردفان، وجزء من جبال الأنقسنا لإقامة دولة العطاوة والجنيديين.
قلق قديم متجدد
القيادي بالحزب الشيوعي كمال كرار قال إن الحديث عن تقسيم السودان وانشطاره إلى دويلات هو قديم، وبدأ بكثافة في العام ٢٠٠٤ ، ولا يخفي ان الكثير من السيناريوهات المخابراتية كانت تغذي الصراع الداخلي، بغير طبيعته مثل مسيحيين ومسلمين ، زرقة وعرب ، مركز وهامش، نيل وصحراء وغيرها من المصطلحات المفخخة.
وأبان كرار من خلال حديثه لـ”صدى السودان” أن حرب البرهان وحميدتي الآن تنتقل من صراع علي السلطة إلى حرب بالوكالة وحرب اجندات مشبوهة، منوهاً إلى أن الكثيرون لايريدون سودانا واحدا، وأضاف : بعد ان انفصل الجنوب من قبل، فالسودان المقسم يسهل ابتلاع ثرواته وسرقتها، وبالتالي الوقوع في مصيدة التبعية الدولية، ودوننا الصومال حيث لا دولة.
وأردف: لا تكفي تحذيرات مناوي، او غيره، فالمدخل لعدم تقسيم السودان هو وقف الحرب، ومعاقبة مجرميها وحل المليشيات واسترداد مدنية الدولة واهدافها الثورية، وتابع: للاسف ان طرفي الصراع والمتحالفين معهما لا يابهان بالمآلات الوخيمة المحدقة بالوطن، ولكن رغم هذه المخاوف فالشعب السوداني والغالبية منه لن تنشطر او تنقسم، ويعرفون ان الحرب نفسها مؤامرة علي الثورة، وبالتالي فان انتصار الشعب في معركته هو الترياق المضاد للتقسيم.
الخارج يُحفزّ للاسراع
من جانبه يرى المحلل السياسي أسامة عبد الماجد أن نظرياً ليس بمقدور مليشيا الدعم السريع فصل متر من تراب السودان خاصة بعد فشل مخطط قائدها في الاستيلاء على السلطة بالقوة، مشيراً إلى أن حميدتي مجرد اداة للخارج – ليس للخليج – لكن لمن هم خلف الخليج وذلك لان مخطط تقسيم الدول العربية وليس السودان .
ولفت عبد الماجد بحديثه لـ”صدى السودان” إلى موافقة الكونغرس الأميركي بالإجماع قديماً في العام عام 1983 وفي جلسة سرية على مشروع يهدف إلى تقسيم المنطقة العربية، لمصلحة إسرائيل، في المقام الاول.
وأضاف: تقسيم السودان إلى خمسة دول هي النوبة ، الشمال (الشريط النيلي)، دارفور ، الشرق والجنوب، ونجح جزء من المخطط بفصل الجنوب، الوضع الان في ظل الحرب وحالة السيولة الامنية والسياسية وغياب الارادة والسيادة الوطنية بات محفزا للخارج للاسراع في تنفيذ المخطط.
وأردف: فرنسا منذ سنوات طويلة وعينها على دارفور والتاريخ يقول كيف ان قبيلة المساليت الباسلة الحقت هزيمة بالفرنسيين الذين لم يتخلوا عن رغبتهم في دارفور لذلك ظلت باريس تحتفظ بعبد الواحد نور لان دارفور جارة لتشاد التي تحكم فرنسا قبضتها عليها، وتابع:كما ان ضعف نفوذ فرنسا في دول غرب افريقيا بعد هزيمتها سياسيا في النيجر يزيد من اصرارها على ايجاد مساحات جديدة هي دارفور الغنية بالثروات المعدنية.